للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اقتضى هذا الوضع حتمية القيام بما عرف بـ"السرايا والغزوات". هي عبارة عن دوريات، أو مفارز مكونة من عدد من الرجال، ومعهم سلاحهم البسيط للقيام بعمليات الاستطلاع، والتعرف على الطرق، واكتشاف المسالك المؤدية إلى المدينة، وإلى مكة، والتعرف للقوافل المكية الذاهبة إلى الشام، أو إلى اليمن، وعقد المعاهدات مع من يقبل من العرب وسكان البوادي، وإبراز قوة المسلمين أمام مشركي العرب، ويهود المدينة، والأعراب، ليعلموا جميعًا أن المسلمين أقوياء، وأنهم تخلصوا من الضعف الذي عاشوه في مكة, وأيضًا لإنذار أهل مكة ليفيقوا من غفلتهم، وليدعوا إيذاء المسلمين، ويتركوا العدوان عليهم، وينتهوا عن صد الناس عن دين الله تعالى، ويمتنعوا عن نشر الأكاذيب وتضليل الناس.

والغزو: هو السير إلى القتال في عدد قليل أو أكثر، والغزوة المرة الواحدة، وجمعها غزوات١.

والسرية: عدد مسلح من الرجال لا يقل عن خمسة ولا يزيد عن أربعمائة، يسبقون الجيش للحصول على معلومات، وأخبار، وسميت السرية بالسرية لتحركها خفية وسرًا، أما الغزوة فإنها تخرج ظاهرة غالبًا٢.

يقول ابن الأثير: السرية من الجيش الطائفة يبلغ أقصاها أربعمائة من المقاتلين الأشداء وتخرج خفية وسرًا٣.

وقد اصطلح علماء السيرة على أن الجماعة التي يقودها رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى "غزوة" والجماعة التي يقودها أحد الصحابة تعرف بـ"السرية".

وقد غزا النبي صلى الله عليه وسلم غزوات عدة منها:

غزوة الأبواء، ويقال لها "ودان"، ثم غزوة بواط، ثم غزوة سفوان، وهي بدر


١ لسان العرب مادة غزا، سرا.
٢ لسان العرب مادة غزا، سرا.
٣ البداية والنهاية لابن الإثير ج٢ ص١٥٩ وعدد الخارجين إن كان أقل من عشرة يسمى "بعثا" وإن كان أقل من أربعين يسمى "حضيرة" و"عصبة" والأربعمائة "سرية" فإن زاد فهو "كتيبة", والخمسمائة "منسر" والثمانمائة "جيش" والآلاف "جحفل" وقد تنوب الأسماء عن بعضها مجازًا.

<<  <   >  >>