للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد إلا بفداء أو ضرب عنق"؟.

وهكذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر، وأخذ منهم الفداء، فلما كان الغد جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فوجدهما في حزن وألم، لما نزل في شأن الأسرى من عتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول عمر: فغدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وهما يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء، فقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة" ١ شجرة قريبة وعندها أنزل الله قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ٢.

والكتاب الذي سبق من الله هو قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ٣.

ففيه الإذن بأخذ الفدية من الأسارى، ولذلك لم يعذبوا، وإنما نزل العتاب لأنهم أسروا الكفار قبل أن يثخنوا في الأرض، وكان على المجاهدين أن يجهزوا على أعدائهم في ميدان المعركة، جزاء وفاقًا لما جاءوا من أجله.

وكان علي رضي الله عنه يقول: أتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء القتال يوم بدر فخيره في الأسرى، بين أن تضرب أعناقهم، أويؤخذ منهم الفداء، أو يستشهد منهم في قابل عدتهم واستقر الرأي على رأي الصديق مع العتاب، والعفو، فأخذ صلى الله عليه وسلم منهم الفداء، وكان الفداء من أربعة آلاف درهم، إلى ثلاثة آلاف درهم، إلى ألف درهم، وكان بعض الأسرى يكتبون فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء من يكتب تعليم عشرة من غلمان المدينة القراءة


١ أسباب النزول للنيسابروي ص١٣٧، ١٣٨.
٢ سورة الأنفال الآيتان ٦٧، ٦٨.
٣ سورة محمد: ٤.

<<  <   >  >>