للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقتربت ساعة الصفر، وتدانت الفئتان، فقامت قريش بمحاولة أخرى لنفس الغرض، فقد خرج إليهم عميل خائن يسمى أبو عامر الفاسق، واسمه عبد عمرو بن صيفي، وكان يسمى الراهب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق، وكان رأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به، وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة، فخرج من المدينة، وذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحضهم على قتاله، ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه, ومالوا معه، فكان أول من خرج إلى المسلمين في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى قومه وتعرف عليهم، وقال: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر فقالوا: لا أنعم الله بك عينا يا فاسق.

فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر وقاتلهم قتالا شديدًا ورماهم بالحجارة.

وهكذا فشلت قريش في محاولتها الثانية للتفريق بين صفوف أهل الإيمان مما جعلهم يزدادون خوفًا من المسلمين، ويمتلئون هيبة من لقائهم١.

ز- عدة الجيش المكي وتنظيمه:

تجمع مشركو مكة، والأحباش، وأعراب البوادي، وبنو ثقيف لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصار المدينة حتى بلغ عددهم ألفين وتسعمائة مقاتل، منهم سبعمائة دارع، والباقون رماة وكان مع الجيش مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير بالإضافة إلى ما كان معهم من نساء.

سار الجيش المكي حتى قرب من المدينة وعند "أحد" نظم القرشيون جيشهم للقتال فاصطفوا صفًا واحدًا، وأمنوا الميمنة، والميسرة، فجعلوا على الميمنة خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وحمل اللواء طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار، وولوا قيادة الخيل لـ"صفوان بن أمية" وجعلوا قيادة الرماة لـ"عبد الله بن أبي ربيعة"٢.

وتولى القيادة العامة أبو سفيان بن حرب لهلاك أكابرهم في "بدر".


١ السيرة النبوية ج٢ ص٦٧.
٢ سيرة النبي ج٢ ص٦٧.

<<  <   >  >>