للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستعمل الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، ودفع اللواء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان اللواء على حاله الذي كان عليه عند الخندق لم يتغير.

وأخذت الملائكة تدعو المسلمين إلى الخروج لبني قريظة، فعن محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنفر من بني النجار فيهم حارثة بن النعمان، قد صفوا صفين عليهم السلاح فقال: "هل مر بكم أحد"؟.

قالوا: نعم، دحية الكلبي، مر على بغلة، عليها رحاله، عليها قطيفة من إستبرق، وأمرنا بحمل السلاح، فأخذنا سلاحنا وصففنا، وقال لنا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع عليكم الآن.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك جبريل بعث إلى بني قريظة ليزلزل حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم" ١.

وكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لسبع بقين من ذي القعدة في العام الخامس الهجري، وتبعه المسلمون في ثلاثة آلاف مقاتل، ومعهم ستة وثلاثون فرسًا، وعسكر الجيش الإسلامي عند بئر لبني قريظة يعرف ببئر "أنَّا" بأسفل حرة بني قريظة٢.

وتكامل تجمع المسلمين عند البئر، واجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصونهم، وعبأ أصحابه، ونظمهم حول الحصون، وأمرهم أن يرموهم بالنبال، وأن يتعاقبوا في الرمي، حتى لا يتركوا لهم وقتًا يستريحون فيه.

وفي آخر النهار أيقن اليهود بالهلكة، فأمسكوا عن الرمي، وأرسلوا نباش بن قيس فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينزلوا على ما نزلت عليه بنو النضير من الأموال والسلاح، وتحقن دماؤهم، ويخرجوا من المدينة بالنساء والذراري، ولهم ما حملت الإبل إلا الحلقة.

فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال نباش: تحقن دماءنا، وتسلم لنا النساء والذرية، ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن ينزلوا على حكمه.


١ سيرة النبي لابن هشام ج٢ ص٢٣٤.
٢ المغازي ج٢ ص٤٩٦، ٤٩٩.

<<  <   >  >>