للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثلاث أسباب يقدر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه.

والشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها، فسيكون شؤمها عليه، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير، لم يكن مشؤومة عليه، ويدلُّ على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه -: ((الطيرة على من تطير)) (١) .

وقد يجعل الله سبحانه وتعالى تطير العبد، وتشاؤمه سبباً لحلول المكروه، كما يجعل الثقة به، والتوكُّل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به، وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى، والخوف من غيره، وعدم التوكل عليه والثقة به، فكان صاحبها غرضاً لسهام الشر والبلاء، فيتسرع نفوذها؛ لأنّه لم يتدرع بالتوحيد والتوكل، والنفس لابد أن تتطير، ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله، فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره، قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} (٢) . (٣) .

قال ابن الجوزية: (فإخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة، ليس فيه


(١) - رواه ابن حبان في صحيحه. يُراجع: موارد الظمآن ص (٣٤٥، ٣٤٦) ، حديث رقم (١٤٢٨) . قال ابن حجر: وفي صحته نظر؛ لأنه من رواية عتبة بن حميد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس، وعتبة مختلف فيه. يراجع: فتح الباري (٦/٦٣) .
(٢) - سورة النحل: الآيات ٩٨- ١٠٠.
(٣) - يراجع: مفتاح دار السعادة (٢/٢٥٦) .

<<  <   >  >>