ينساها له، حيث قام ولاقاه وصافحه وهنأه، حتى وقف على النبي صلي الله عليه وسلم وإذا وجهه تبرق أساريره؛ لأنه- عليه الصلاة والسلام- سره أن يتوب الله على هؤلاء الثلاثة الذين صدقوا الله ورسوله، وأخبروا بالصدق عن إيمان، وحصل عليهم ما جري من الأمر العظيم، من هجر الناس لهم خمسين يوماً، حتى نسائهم بعد الأربعين أمر الرسول- عليه الصلاة والسلام- أن يعتزلوهن.
ثم قال له النبي صلي الله عليه وسلم:((أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك أمك)) .
وصدق النبي صلي الله عليه وسلم خير يوم مر على كعب منذ ولدته أمه هو ذلك اليوم، لأن الله أنزل توبته عليه وعلي صاحبيه في قرآن يتلي، تكلم به رب العالمين عز وجل وأنزله على محمد صلي الله عليه وسلم محفوظاً بواسطة جبريل، ومحفوظا إلي يوم القيامة، ولا يوجد أحد سوى الأنبياء أو من ذكرهم الله في القرآن حفظت قصته كما حفظت قصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم.
بقيت هذه القصة تتلي في كتاب في المحاريب وعلى المنابر وفي كل مكان، ومن قرأ هذه القصة فله بكل حرف عشر حسنات، فهذا اليوم لا شك أنه خير يوم مر على كعب منذ ولدته أمه.
فقال كعب: إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلي الله وإلي رسوله، أي: يتخلي عنه ويجعله صدقة إلي الله ورسوله شأنه وتدبيره. فقال النبي صلي الله عليه وسلم:((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)) فأمسكه رضي