للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على التأييد بالمعجزة، وغلب على ظنك كذبه، كما غلب على ظنك الآن كذب الأنبياء كلهم، ولكن جوّزت مع ذلك صدقه وعلمت أنه ليس في أكله إلا التلذذ بطعمه وحلاوته وقت الذوق، وإن كان مسموماً ففيه الهلاك، فعقلك أيضاً يشير عليك باجتناب الخطر، إن كنت من زمرة العقلاء. ولهذا قال علي رضي الله تعالى عنه لمن كان يشاغبه ويماريه في أمر الآخرة: " إن كان الأمر على ما زعمت تخلصنا جميعاً. وإن كان الأمر كما قلت، فقد هلكت ونجوت ". ولا ينبغي أن تظن أن هذا تشكيك منه في اليوم الآخر ولكنه زجر على حدّ جهل المخاطب القاصر عن معرفة ذلك بطريق البرهان. وهو الذي جرّأنا على سلوك هذا المنهاج ليسهل تأمله على أهل البطالة والتقصير في الطاعة لله تعالى.

وقد تبيّن على القطع أن العظيم الهائل إن لم يكن معلوماً فبالاحتمال يتقدم على اليقين المستحقر، لأن كون الشيء مستحقراً أو عظيماً بالإضافة. فلتنظر إلى منتهى العمر وما يصفو من الدنيا للمترفهين، وتسير إلى ما أعتقده الفرق الثلاث من كمال السعادة الآخروية ودوامها، وتعرف بالبديهة استحقار ما ترك من الدنيا في عظيم ما يعتاض عنها بالإضافة إليها.

<<  <   >  >>