والأسباب النافعة المعينة، تشرحها تقسيمات أربعة: الأول منها ما هو نافع في كل حال، وهي الفضائل النفسية، ومنها ما ينفع في حال دون حال، ونفعها أكثر كالمال القليل. ومنها ما ضرره أكثر في حق أكثر الخلق، وذلك بعض أنواع العلوم والصناعات. ولما كثر الالتباس في هذا، وجب على العاقل الاستظهار بمعرفة حقائق هذه الأمور، حتى لا يؤثر الضار على النافع، بل النافع على الرفيع، والرفيع على النفيس الأهم، فيطول عليه الطريق. فكم من ناظر يحسب الشحم فيمن شحمه ورم! وكم من طالب حبلاً ليتمنطق به، فيأخذ حية فيظنها حبلاً فتلدغه! والعلم الحقيقي هو الذي يكشف عن هذه الأمور.
التقسيم الثاني: إن الخيرات بوجه آخر تنقسم إلى مؤثرة لذاتها، وإلى مؤثرة لغيرها، وإلى مؤثرة تارة لذاتها وتارة لغيرها. فينبغي أن يعرف مراتبها، ليعطي كل رتبة حقها.