للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باعتبار النسبة إلى القوة المبرزة المظهرة لها، كفضل معرفة الحكمة على معرفة اللغات، فإن الأولى متعلقة بالقوة العقلية التي هي أشرف القوى، والأخرى متعلقة بالقوة الحسية، وهي السمع. وأما بحسب عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغة، وأما بحسب شرف الموضوع المعمول فيه، كفضل الصياغة على الدباغة. وليس يخفى أن العلوم العقلية تدرك بالعقل، الذي هو أشرف القوى، وبه يتوصل إلى جنة المأوى، وهو أبلغ نفع وأعمه، وموضوعه الذي يعمل فيه نفوس البشر، وهي أفضل موضوع، بل أشرف موجود في هذا العالم. فإفادة العلم من وجه صناعة، ومن وجه عبادة الله تعالى، ومن وجه خلافة الله هو أجل خلافة. فإن الله تعالى قد فتح على قلب العالم العلم، الذي هو أخص صفاته، فهو كالخازن لأنفس خزائنه. ثم هو مأذون له في الإنفاق على كل محتاج إليه، فأيّ رتبة أجلّ من كون العبد واسطة بين ربه وخلقه، في تقربهم إلى الله زلفى، وسياقتهم إلى جنة المأوى؟.

<<  <   >  >>