ولا منفعة في النور عند عمي البصر، ولا يجدي البصر عند عدم النور. فكذلك بصر الباطن، وهو العقل، وهو أشرف من البصر الظاهر إذ النفس كالفارس، والبدن كالفرس، وعمي الفأس أضّر من عمى الفرس. ولمشابهة بصره الباطن الظاهر قال تعالى:(مَا كَذَبَ الفُؤادُ مَا رَأَى) ، وقال:(وَكَذَلِكَ نُري إبراهيمَ مَلَكوتَ السَّمَواتِ والأَرْض) . وسمي ضده عمى، قال تعالى:(فَإِنّها لا تَعْمَى الأبصار وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التي في الصّدُور) . وقال:(وَمَنْ كَانَ فِي هَذه أَعْمَى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبيلاً) . وبالجملة من لم يكن بصيرة عقله نافذة، فلا تعلق به من الدين إلا قشوره، بل خيالاته وأمثلته، دون لبابه وحقيقته. فلا تدرك العلوم الشرعية، إلا بالعلوم العقلية، فإن العقلية كالأدوية للصحة،