للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآخروية، وطريقاهما متنافيان. فمن صرف عنايته إلى أحدهما، اقتصرت بصيرته في الآخر على الأكثر. ولذلك ضرب الإمام علي رضي الله عنه ثلاثة أمثلة. فقال: " إن مثل الدنيا والآخرة ككفتي ميزان، وكالمشرق والمغرب، وكالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى ". ولذلك نرى الأكياس في أمور الدنيا جهالاً في أمور الآخرة، وبالعكس. ولذلك قال عليه السلام: " الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ". وقال لمن نسب بعض الصالحين إلى البله: " أكثر أهل الجنة البله "، يعني في أمور الدنيا. ولذلك قال الحسن البصري: " أدركنا أقواماً لو رأيتموهم لقلتم مجانين، ولو رأوكم لقالوا شياطين ". ومهما سمعت أمراً غريباً من أمور الدين، فلا يبعدنّك عن قبوله أنه لو كان حقيقياً لأدركه الأكياس من أرباب الدنيا ودقائق الصناعات الهندسية وغيرها، إذ من المحال أن يظفر سالك طريق المشرق بما يوجد في المغرب، فكذلك أمر الدنيا والآخر. ولذلك قال تعالى: (إن الَّذِينَ لاَ يَرْجَوْنَ لِقَاءَنَا وَرَضَوا بالحياةِ الدُّنْيا

<<  <   >  >>