(مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجل مِنْ قَلبَين فِي جَوْفِهِ) ، وكلما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق. ولهذا قيل: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، فإذا أعطيته كلك، فإنك من إعطائه إياك بعضه على خطر. والفكرة مهما توزعت على أمور، كانت كجدول ماؤه منكشف منبسط، فينشفه الهوى والأرض، ولا يبقى منه ما يجتمع ويبلغ المزرعة وينتفع به.
الوظيفة الثالثة: أن لا يتكبر على العلم وأهله ولا يتآمر على المعلم، بل يلقي إليه بزمام أمره، في تفصيل طريق التعلم، ويذعن لنصحه إذعان المريض للطبيب. أما التكبر على العلم، فإنه يستنكف من استفادته ممن يعرفه، وهو عين الحمق، بل الحكمة ضالة كل حكيم. فحيث يجدها، ينبغي أن يغتنمها، ويستفيدها، ويتقلد بها المنة.
فلا بد من التواضع، ولذلك قال الله تعالى:(إنّ فِي ذَلك لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ ألقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهِيد) ، أي يكون مشتغلاً بالعلم، وهو المراد بمن له قلب، أو كان فيه من العقل ما يحمله على