فرب إنسان هو فارغ القلب من قوت يومه، مشغول القلب بعده، وينتهي حرصه إلى أن يقدّر لنفسه عمراً طويلاً، ويريد أن يفرغ قلبه طول عمره. ثم قد يقدر له حوائج، فيطلب الاستظهار بالخزائن، وهو الضلال المحض. والمدّخر بالإضافة إلى المستقبل ثلاث درجات، وأدناها قوت يوم وليلة، وأعلاها ما يجاوز سنة، وأوسطها قوت سنة. وأرفع الدرجات درجة من لم يلتفت إلى غده، وقصر همته على يومه، ومن يومه على ساعته، ومن ساعته على نفسه، وقدر نفسه كل لحظة مرتحلاً من الدنيا مستعداً للارتحال. ومن لم يشتغل بهذا، أو كان فارغ القلب عن قوت سنة، فاشتغل بما وراءه كان من المطرودين المذكورين بقوله:(يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدُه) . وأما الملبس فكذلك فيه ثلاث درجات، فأدناها من حيث القدر ما يستر العورة، أو الجملة المعتاد سترها من أدنى الأنواع وأخشنها.