للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاتِّحَادِ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ بَلَّغَكُمْ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، وَأَخْبَرَكُمْ أَنَّهُ يَسْمَعُ (١) دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ فَاحْمَدُوهُ أَنْتُمْ، وَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ; حَتَّى يَسْمَعَ اللَّهُ لَكُمْ دُعَاءَكُمْ ; فَإِنَّ الْحَمْدَ قَبْلَ الدُّعَاءِ سَبَبٌ لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ.

وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، يَقُولُ الْمُرْسِلُ لِرَسُولِهِ: قُلْ عَلَى لِسَانِي كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ الرَّسُولُ لِمُرْسِلِهِ: قُلْتُ عَلَى لِسَانِكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ الْمُرْسِلُ أَيْضًا: قُلْتُ لَكُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِي (٢) كَذَا وَكَذَا.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ الشُّورَى: ٥١] ، فَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرْسَلَ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ مِنَ الْبَشَرِ بِرِسَالَةٍ، كَانَ مُكَلِّمًا لِعِبَادِهِ بِوَاسِطَةِ رَسُولِهِ، بِمَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ، وَكَانَ مُبَيِّنًا لَهُمْ بِذَلِكَ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٩٤] أَيْ: بِوَاسِطَةِ رَسُولِهِ. وَقَالَ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [سُورَةُ الْقِيَامَةِ: ١٨] ، وَقَالَ: {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: ٣] ، وَقَالَ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ٣] .

فَكَانَتْ تِلْكَ التِّلَاوَةُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْقَصَصُ بِوَاسِطَةِ جِبْرِيلَ ; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُكَلِّمُ عِبَادَهُ بِوَاسِطَةِ رَسُولٍ يُرْسِلُهُ، فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ; وَلِهَذَا جَاءَ بِلَفْظِ


(١) ب فَقَطْ: سَمِعَ.
(٢) ح: رَسُولِكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>