اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِصَاصٌ عَظِيمٌ، وَكَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ اخْتِصَاصًا بِهِ، وَصُحْبَةً لَهُ، وَقُرْبًا إِلَيْهِ، وَاتِّصَالًا بِهِ، وَقَدْ صَاهَرَهُمْ كُلَّهُمْ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَذُمُّهُمْ، وَلَا يَلْعَنُهُمْ، بَلِ الْمَعْرُوفُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّهُمْ وَيُثْنِي عَلَيْهِمْ.
وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا عَلَى الِاسْتِقَامَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ الِاسْتِقَامَةِ مَعَ هَذَا التَّقَرُّبِ، فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إِمَّا عَدَمُ عِلْمِهِ بِأَحْوَالِهِمْ، أَوْ مُدَاهَنَتُهُ لَهُمْ، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ أَعْظَمُ الْقَدْحِ فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قِيلَ:
فَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ ... وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ
وَإِنْ كَانُوا انْحَرَفُوا بَعْدَ الِاسْتِقَامَةِ فَهَذَا خِذْلَانٌ مِنَ اللَّهِ لِلرَّسُولِ فِي خَوَاصِّ أُمَّتِهِ، وَأَكَابِرِ أَصْحَابِهِ، وَمَنْ قَدْ أُخْبِرَ بِمَا سَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيْنَ كَانَ عَنْ عِلْمِ ذَلِكَ؟ وَأَيْنَ الِاحْتِيَاطُ لِلْأُمَّةِ حَتَّى لَا يُوَلَّى مِثْلُ هَذَا أَمْرَهَا، وَمَنْ وُعِدَ أَنْ يَظْهَرَ دِينُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَكَابِرُ خَوَاصِّهِ مُرْتَدِّينَ؟
فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَقْدَحُ بِهِ الرَّافِضَةُ فِي الرَّسُولِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ الطَّعْنَ فِي الرَّسُولِ لِيَقُولَ الْقَائِلُ: رَجُلُ سَوْءٍ كَانَ لَهُ أَصْحَابُ سَوْءٍ، وَلَوْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَكَانَ أَصْحَابُهُ صَالِحِينَ.
وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: إِنَّ الرَّافِضَةَ دَسِيسَةُ الزَّنْدَقَةِ، وَإِنَّهُ وُضِعَ عَلَيْهَا. وَطَرِيقٌ آخَرُ أَنْ يُقَالَ: الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِعَلِيٍّ - إِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute