للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السنة من الفرق بين السفر إلى المدينة لأجل مسجد الرسول والصلاة فيه، والسفر إليها لغير مسجده كالسفر لأجل مسجد قباء أو لزيارة القبور التي فيها قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبور من فيها من السابقين الأولين وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين. وظهر أنه إذا نهى عن السفر إلى ما يستحب لأهل المدينة إتيانه بلا سفر -كزيارة مسجد قباء وشهداء أحد والبقيع- فالنهي عما يكره لأهل المدينة إتيانه أولى وأحرى.

والله سبحانه خص رسوله بما خصه به تفضيلاًًً له وتكريمًا لما يجب من حقه على كل مسلم في كل موضع، فإن الله أوجب الإيمان به [ومحبته وموالاته ونصره وطاعته واتباعه] على كل أحد في كل مكان، وأمر من الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان، ومن سؤال الوسيلة له عند كل أذان، ومن ذكر فضائله ومناقبه وما يعرف به قدر نعمة الله به على أهل الأرض، وأن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، وأنه هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأنه لا يؤمن العبد حتى يكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، بل حتى يكون أحب إليه من نفسه، إلى غير ذلك من حقوقه المبسوطة في غير هذا الموضع. وكل هذه مشروعة في جميع البقاع ليس منها شيء يختص بالقبر ولا بما هو قريب من القبر، ولا شرع للناس أن يكون قيامهم بهذه الحقوق [أفضل عند القبر] من قيامهم بها في بلادهم، بل المشروع أن يقوموا بها في كل مكان. ومن قام بها عند القبر وفتر عن القيام بها في بلده -كما يوجد في بعض الناس: / يوجد من محبته وتعظيمه وثنائه ودعائه للرسول عند قبره أعظم مما يوجد في بلده

<<  <   >  >>