للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا القصيد يجول عليه رونق الانطباع، وهو القريب غير المستطاع؛ ورأيت له في الغزل من هذا القصيد معنى انفرد باختراعه، وأبدع ما شاء في إبداعه، وهو قوله:

وسُليمَى ذاتُ زُهدٍ ... في زَهيدٍ من وِصَالِ

كلَّما قُلت صِلينِي ... حَاسَبْتنِي بالخَيال

وهذا اختراع عجيب، ومعنى غريب. وزاد فيه بعد ذلك، فقال:

والكَرى قد مُنِعَتْهُ ... مُقلًتِي أخْرى اللَّيالي

وهي أدرى فَلِمَاذا ... دَافعَتْنِي بمُحَال

أتُراني أقتضيها ... بعدُ شيئاً من نَوال

ثم أن الغزال سلم من هول تلك البحار، وركوب الأخطار؛ ووصل أول بلاد المجوس إلى جزيرة من جزائرها فأقاموا فيها أياماً واصلحوا مراكبهم، وأجموا أنفسهم. وتقدم مركب المجوس إلى ملكهم، فأعلمه بلحاق الرسل معهم، فسر بذلك ووجه فيهم، فمشوا إليه إلى مستقر ملكه، وهي جزيرة عظيمة في البحر المحيط، فيها مياه مطردة وجنات، وبينها وبين البر ثلاث مجار، وهي ثلاثمائة ميل، وفيها من المجوس ما لا يحصى عددهم. وتقرب من تلك الجزيرة جزائر كثيرة. منها صغار وكبار، أهلها كلهم مجوس، وما يليهم من البر أيضا لهم مسيرة أيام، وهم مجوس، وهم اليوم على دين النصرانية وقد تركوا عبادة النار، ودينهم الذي كانوا عليه، ورجعوا نصارى إلا أهل جزائر منقطعة لهم في البحر هم على دينهم

<<  <   >  >>