للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول من عبادة النار، ونكاح الأم والأخت وغير ذلك من أصناف الشنار. وهؤلاء يقاتلونهم ويسبونهم. فأمر لهم الملك بمنزل حسن من منازلهم، واخرج إليهم من

يلقاهم، واحتفل المجوس لرؤيتهم. فرأوا العجب العجيب من أشكالهم وأزيائهم. ثم إنهم انزلوا في كرامة، وأقاموا يومهم ذلك، واستدعاهم بعد يومين إلى رؤيته، فاشترط الغزال عليه ألا يسجد له ولا يخرجهما عن شيء من سنتهما، فأجبهما إلى ذلك. فلما مشيا إليه قعد لهما في أحسن هيئة، وأمر بالمدخل الذي يفضي إليه، فضيق حتى لا يدخل عليه أحد إلا راكعاً، فلما وصل إليه جلس إلى الأرض وقدم رجليه وزحف على أليته زحفة، فلما جاز الباب استوى واقفاً. والملك قد أعد له وأحفل في السلاح والزينة الكاملة. فما هاله ذلك ولا ذعره، بل قام ماثلاً بين يديه، فقال: السلام عليك أيها الملك وعلى من ضمه مشهدك، والتحية الكريمة لك، ولازلت تمتع بالعز والبقاء والكرامة الماضية بك إلى شرف الدنيا والآخرة، المتصلة بالدوام في جوار الحي القيوم، الذي كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه المرجع. ففسر له الترجمان ما قاله، فأعظم الكلام، وقال: هذا حكيم من حكماء القوم، وداهية من دهاتهم، وعجب من جلوسه إلى الأرض وتقديمه رجليه في الدخول، وقال: أردنا أن نذله، فقابل وجوهنا بنعليه! ولولا انه رسول لأنكرنا ذلك عليه. ثم دفع إليه كتاب السلطان عبد الرحمن وقرئ عليه الكتاب، وفسر له. فأستحسنه وأخذه في يده، فرفعه ثم وضعه في حجره، وأمر بالهدية ففتحت عيابها، ووقف على جميع ما اشتملت عليه من الثياب والأواني! فأعجب بها، وأمر بهم فانصرفوا إلى منزلهم ووسع الجراية عليهم.

<<  <   >  >>