٢٤٩ - قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: دَعَانِي مَرَّةً بَعْضُ أَصْحَابِي إِلَى طَعَامٍ، فَكَلَّمَتُ بَطْنِي، فَقُلْتُ: كَفَّ عَنِّي كَلْبَكَ مَرَّتِي هَذِهِ، قَالَ: فَفَعَلَتْ، ⦗١٥٢⦘ قَالَ: وَدَعَانِي آخِرُ مَرَّةً أُخْرَى، فَدَعَتْنِي نَفْسِي إِلَى إِتْيَانِهِ، فَقُلْتُ: اجْعَلِي هَذِهِ الْمَرَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَّةِ الَّتِي مَضَتْ؛ هَلْ تَجِدِينَ مِنْ لَذَّةِ ذَلِكَ شَيْئًا لَوْ كُنْتِ فَعَلْتِ؟ قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُعَلِّلُهَا حَتَّى هَدَأَتْ وَسَكَنَتْ. قَالَ: ثُمَّ دَعَانِي أَخٌ لِي أَيْضًا، فَقَالَتْ: هَذَا أَخُوكَ، ولَهُ عَلَيْكَ حَقَّانِ: حَقُّ الْأُخُوَّةِ، وَحَقُّ الْإِجَابَةِ، ائْتِهِ فَهُوَ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى اللَّهِ وَأَدْوَمُ لِأُخَوَّتِهِ. فَقُلْتُ: وَيْحَكِ، دَعِي عَنْكِ التَّأَنِّيَ لِلِاتِّصَالِ بِمَحَبَتِكِ، فَوَاللَّهِ لَوْ قَدْ وَرَدَتِ الْقِيَامَةَ اغْتَبَطَتْ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ بَقْلَةِ الطُّعْمِ وَتَرَكِ الشَّهَوَاتِ. قَالَ: فَجَمَحَتْ وَاللَّهِ عَلَيَّ وَأَبَتْ، وَقَالَتْ: إِنْ كَانَ هَذَا دَأْبُكَ فَمَا أَرَاكَ إِلَّا سَتَقْتِلَنِي، انْهَضْ إِلَى أَخِيكَ. قَالَ: فَنَهَضْتُ، - وَاللَّهِ - وَكَأَنِّي أُجَرُّ عَلَى وَجْهِي فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ، وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَعَامِهِمْ. فَقَالَ صَاحِبُ الطَّعَامِ: اقْعُدْ رَحِمَكَ اللَّهُ. وَنَهَضَ لِيَتَكَلَّفَ لِي، فَقُلْتُ: اقْعُدْ، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُ الْيَوْمَ هَاهُنَا شَيْئًا. قَالَ: ثُمَّ دَعَوْتُ بِخَيْرٍ وَقُمْتُ. فَقُلْتُ لَهَا لَمَّا خَرَجْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُهَيِّئْ لَكِ مَا أَرَدْتِ. قَالَ: فَقَالَتْ: أَجَلْ وَاللَّهِ، إِذَا جَلَسْتَ تُفَكِّرُ، يَأْكُلُ الْقَوْمُ وَيَنْصَرِفُونَ. ⦗١٥٣⦘ قُلْتُ: وَيْلَكَ وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ إِلَّا مُفَكِّرًا، خَائِفًا، حَذَرًا مِنْ أَعْدَائِهِ، مِنْكِ وَمَنِ أَعْدَائِكِ. مَا يَبْلُغُ الْعَدُوُّ الْكَلْبُ مَا تَبْلُغُ النَّفْسُ مِنْكَ يَا ابْنَ آدَمَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute