للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز مع هذا أن يكون هذا الساب الشاتم في الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به، فإذا أقيمت عليه الحجة بنص أو إجماع أن هذا كافر باطناً وظاهراً قالوا: هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطني، وأن الإيمان يستلزم عدم ذلك" (١) .

ومن استند منهم إلى إخراج الأعمال عن حقيقة الإيمان بما استنبطه مما جاء في القرآن الكريم من إسناد الإيمان إلى القلب فقط، كقول الله تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (٢) .

وقوله تعالى: {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب} (٣) .

وقوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} (٤) .

وقوله تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} (٥) .

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تبين منزلة الإيمان وضده من القلب، من استند منهم إلى ذلك فقد أخطأ الفهم، فليس المراد منها إخراج العمل وإغفاله عن إيمان القلب، فإن من أنكر تلازم الأعمال الظاهرة بأعمال القلوب وقال: إن الإيمان هو المعرفة فقط فهو جهمي، وكذا من قال: إنه التصديق فقط مثل الأشاعرة فقد تجهم، إذ لا فرق بين دعوى المعرفة ودعوى التصديق فقط-وكلاهما من دون عمل، وما ذكره بعض الأشاعرة من التفريق بينهما فإنه


(١) انظر مجموع الفتاوي٧/٥٥٧.
(٢) سورة الحج: ٣٢.
(٣) سورة ق: ٣٣.
(٤) سورة الحديد: ١٦.
(٥) سورة البقرة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>