للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعم يحتاج المتأخرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور، لئلا يختلط، لأنه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوز عنها احتاج إلى الإتيان بقرينة تدل على مراده، وإلا فلا يؤمن اختلاط المسموع بالمجاز بعد تقرير الاصطلاح، فيحمل ما يرد من ألفاظ المتقدمين على محمل واحد، بخلاف المتأخرين، انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

وقد تعرض لهذه المسألة أيضا الإمام الحافظ ابن عبد البر الأندلسي حافظ المغرب رحمه الله تعالى، في كتابه النفيس العجاب: جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، فقال: باب في العرض على العالم وقول أخبرنا وحدثنا، واختلافهم في ذلك، وفي الإجازة والمناولة، ثم استهل هذا الباب بكلام الإمام الحافظ الفقيه الطحاوي، ونقل من رسالته المعنية قدرا حسنا معتمدا له ومؤيدا، ثم عززه بنقول أخرى ناطقة صريحة في الباب، فكان كلام الإمام الطحاوي في هذه حجة عند الشيخ الحجة الإمام ابن عبد البر، رحمهما الله تعالى، وإني ناقل كلام الإمام ابن عبد البر بكامله وعلى طوله، لاستيفاء المقام، وبالله التوفيق.

باب في العرض على العالم، وقول أخبرنا وحدثنا واختلافهم في ذلك، وفي الإجازة والمناولة حدثنا عبد الرحمن بن مروان، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن سليمان بن عمر البغدادي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، قال: اختلف أهل العلم في الرجل يقرأ على العالم ويقر له العالم به، كيف يقول فيه أخبرنا أو حدثنا؟ فقالت طائفة منهم لا فرق بين أخبرنا وحدثنا، وله أن يقول أخبرنا وحدثنا.

وممن قال بذلك مالك، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، كما حدثنا ابن أبي عمران، قال: حدثنا سليمان بن بكار، قال: حدثنا أبو قطن، قال: قال لي أبو حنيفة: اقرأ علي وقل حدثني، وقال لي مالك: اقرأ علي وقل حدثني.

وكما حدثنا روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: لما فرغنا من قراءة الموطأ على مالك رحمه الله، قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، كيف نقول في هذا؟ فقال: إن شئت فقل حدثنا، وإن شئت فقل أخبرنا، وإن شئت فقل حدثني، وإن شئت فقل أخبرني، وأراه قال: وإن شئت فقل سمعت.

<<  <   >  >>