للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصْلٌ: وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: ٢٤] ، قَالُوا: وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ فِيهَا إِضْمَارًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ الْعَقْدُ فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّلَذُّذُ، فَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ، وَآتَاهَا أَجْرَهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ عَقْدٍ يَتَرَاضَيَانِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِضْمَارٍ كَانَ إِضْمَارُنَا فِيهِ، فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، وَكَانَ هَذَا الْإِضْمَارُ أَوْلَى لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَمَنْ أَضْمَرَ فِيهِ الْمُتْعَةَ فَهُوَ لَا يُبْطِلُ هَذَا الْإِضْمَارَ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يُضْمِرَ إِضْمَارَيْنِ، وَمَنْ أَضْمَرَ فِي الْآيَةِ إِضْمَارًا وَاحِدًا، كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ أَضْمَرَ إِضْمَارَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ، فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَضْمَرَ بِعَقْدٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً؟ ، قُلْنَا عَنْهُ جَوَابِانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ إِضْمَارَنَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مُبِيحٌ لِلِاسْتِمْتَاعِ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِضْمَارِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالثَّانِي: إِنَّ إِضْمَارَ النِّكَاحِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمُخَالِفُ يَزِيدُ إِلَى

<<  <   >  >>