للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى حَتَّى أَنَّ بَهْمَةً لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ».

وَقِيلَ إذَا كَانَ فِي الصَّفِّ لَا يُجَافِي كَيْ لَا يُؤْذِيَ جَارَهُ (وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ) لِقَوْلِهِ «إذَا سَجَدَ الْمُؤْمِنُ سَجَدَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ، فَلْيُوَجِّهْ مِنْ أَعْضَائِهِ الْقِبْلَةَ مَا اسْتَطَاعَ»

(وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ) لِقَوْلِهِ «وَإِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» أَيْ أَدْنَى كَمَالِ الْجَمْعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ بِالْوِتْرِ لِأَنَّهُ «كَانَ يَخْتِمُ بِالْوِتْرِ»، وَإِنْ كَانَ إمَامًا لَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يُمِلُّ الْقَوْمَ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى لتَّنْفِيرِ ثُمَّ تَسْبِيحَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سُنَّةٌ لِأَنَّ النَّصَّ تَنَاوَلَهُمَا دُونَ تَسْبِيحَاتِهِمَا فَلَا يَزِيدُ عَلَى النَّصِّ (وَالْمَرْأَةُ تَنْخَفِضُ فِي سُجُودِهَا وَتَلْزَقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا.

قَالَ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُكَبِّرُ) لِمَا رَوَيْنَا (فَإِذَا اطْمَأَنَّ جَالِسًا كَبَّرَ وَسَجَدَ) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ «ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَك حَتَّى تَسْتَوِيَ جَالِسًا» وَلَوْ لَمْ يَسْتَوِ جَالِسًا وَسَجَدَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَتَكَلَّمُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَى السُّجُودِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا، وَإِنْ كَانَ إلَى الْجُلُوسِ أَقْرَبَ

وَإِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ) بِالْوَاوِ مَعْطُوفٌ عَلَى إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُكَبِّرُ) الرَّفْعُ فَرِيضَةٌ كَمَا أَنَّ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ فَرْضٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الرَّأْسِ لِيَتَحَقَّقَ الِانْتِقَالُ إلَيْهَا وَالتَّكْبِيرُ سُنَّةٌ. وَقَوْلُهُ: (لِمَا رَوَيْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ "؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ» وَقَوْلُهُ: (وَتَكَلَّمُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ (فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا زَايَلَ جَبْهَتَهُ عَنْ الْأَرْضِ ثُمَّ أَعَادَهَا جَازَ ذَلِكَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا تَجْرِي فِيهِ الرِّيحُ جَازَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ لَا يَكُونُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَرْفَعْ جَبْهَتَهُ مِقْدَارَ مَا يَقَعُ عِنْدَ النَّاظِرِ أَنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ لِيَسْجُدَ أُخْرَى، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ وَإِلَّا يَكُونُ عَنْ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّفْعِ. وَجَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا أَصَحَّ وَقَالَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الرَّفْعُ، فَإِذَا وُجِدَ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرَّفْعِ بِأَنْ رَفَعَ جَبْهَتَهُ كَانَ مُؤَدِّيًا لِهَذَا الرُّكْنِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَى السُّجُودِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا، وَإِنْ كَانَ إلَى الْجُلُوسِ أَقْرَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>