جَازَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا فَتَتَحَقَّقُ الثَّانِيَةُ.
قَالَ (فَإِذَا اطْمَأَنَّ سَاجِدًا كَبَّرَ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ (وَيَسْتَوِي قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يَنْهَضُ مُعْتَمِدًا عَلَى الْأَرْضِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ فَعَلَ ذَلِكَ.
وَلَنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ «كَانَ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ»، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْكِبَرِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ قَعْدَةُ اسْتِرَاحَةٍ
جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا فَتَتَحَقَّقُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ) يَعْنِي بَعْدَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الرَّفْعِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَتَكَلَّمَ مَشَايِخُنَا فِي الرُّكُوعِ فِي كَوْنِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَرَّةً وَالسُّجُودِ مَرَّتَيْنِ فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إلَى أَنَّهُ تَوْقِيفِيٌّ وَاتِّبَاعٌ لِلشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْقَلَ لَهُ مَعْنًى وَقَدْ تَعَبَّدَنَا الشَّرْعُ بِمَا لَا نَعْقِلُ لَهُ مَعْنًى تَحْقِيقًا لِلِابْتِلَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ لِذَلِكَ حِكْمَةً فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ السُّجُودُ مَثْنَى تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ أُمِرَ بِسَجْدَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ فَنَحْنُ نَسْجُدُ مَرَّتَيْنِ تَرْغِيمًا لَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ﷺ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَقَالَ «هُمَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» وَقِيلَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ الْأَرْضِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُعَادُ إلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾.
وَقَوْلُهُ: (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ) قِيلَ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ " كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ " وَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ مَا رَوَيْنَا، وَلَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِمَا رَوَيْنَا. وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَقْعُدُ) أَيْ لَا يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً (وَلَا يَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ) بَلْ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يَنْهَضُ مُعْتَمِدًا عَلَى الْأَرْضِ) لَهُ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَعَدَ ثُمَّ نَهَضَ» (وَلَنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: كَانَ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِهِ ﵊ فِي حَالِ الْكِبَرِ) يَعْنِي فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ مَا كَبِرَ وَأَسَنَّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَقُولُ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ» وَمَا رَوَيْنَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْقُدْرَةِ فَيُوَفَّقُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ مِنْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute