وَلَهُ أَنَّ الرُّطَبَ تَمْرٌ «لِقَوْلِهِ ﵊ حِينَ أُهْدَى إلَيْهِ رُطَبٌ أَوَ كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا» سَمَّاهُ تَمْرًا.
وَبَيْعُ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَمْرًا جَازَ الْبَيْعُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَمْرٍ فَبِآخِرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊
الْمَنْقُولُ وَالْمَعْقُولُ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ﷺ سَمَّى الرُّطَبَ تَمْرًا حِينَ أُهْدِيَ رُطَبًا فَقَالَ: أَوَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ﵀ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانُوا أَشِدَّاءَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْخَبَرَ فَاحْتَجَّ بِأَنَّ الرُّطَبَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرًا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ تَمْرًا جَازَ الْعَقْدُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ: يَعْنِي قَوْلَهُ «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ بِقَوْلِهِ «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» فَأُورِدَ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَعْدٍ فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ دَارَ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي النَّقْلَةِ. وَاسْتَحْسَنَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْهُ هَذَا الطَّعْنَ. سَلَّمْنَا قُوَّتَهُ فِي الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ لَا يُعَارَضُ بِهِ الْمَشْهُورُ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّرْدِيدَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْلِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ حِنْطَةً فَتَجُوزُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ أَوْ لَا فَتَجُوزُ بِآخِرِهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَلَامٌ حَسَنٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ شَغَبِ الْخَصْمِ، وَالْحُجَّةُ لَا تَتِمُّ بِهِ بَلْ بِمَا بَيَّنَّا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ التَّمْرِ عَلَيْهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِثَمَرَةٍ خَارِجَةٍ مِنْ النَّخْلِ مِنْ حَيْثُ تَنْعَقِدُ صُورَتُهَا إلَى أَنْ تُدْرِكَ، وَالرُّطَبُ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْهُ كَالْبَرْنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ حِنْطَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ) قُلْنَا: إنَّمَا جَازَ أَنْ لَوْ ثَبَتَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute