قَالَ (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ) لِأَنَّهُ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْآرَاءِ
فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ مُعَلَّقٌ بِفِعْلِهِمَا وَهُوَ التَّطْلِيقُ، فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِهِمَا الدَّارَ، فَإِنَّ بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، فَكَذَا هَاهُنَا. فَإِنْ قِيلَ: فَفِي قَوْلِهِ طَلِّقَاهَا أَيْضًا مُعَلَّقٌ بِفِعْلِهِمَا، وَيَقَعُ بِإِيقَاعِ أَحَدِهِمَا. أُجِيبَ بِالْمَنْعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ حَرْفَ الشَّرْطِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ شِئْتُمَا. فَإِنْ قِيلَ: فَاجْعَلْهُ مِثْلَ قَوْلِهِ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا مُفَوِّضًا إلَى رَأْيِهِمَا. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ إلَى الرَّأْيِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ.
قَالَ (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ لِأَنَّهُ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ، وَالتَّوْكِيلُ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ، (قَوْلُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْآرَاءِ) وَفِيهِ تَشْكِيكٌ، وَهُوَ أَنَّ تَفَاوُتَ الْآرَاءِ مُدْرَكٌ بِيَقِينٍ وَإِلَّا لَمَا جَازَ التَّعْلِيلُ بِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ الثَّانِي أَقْوَى رَأْيًا مِنْ الْأَوَّلِ. وَأَيْضًا الرِّضَا بِرَأْيِ الْوَكِيلِ وَرَدُّ تَوْكِيلِهِ تَنَاقُضٌ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَقْوَى رَأْيًا أَوْ قَوِيَّهُ فِي رَأْيِ الْأَوَّلِ لَمَا وَكَّلَهُ، فَرَدُّ تَوْكِيلِهِ مَعَ الرِّضَا بِرَأْيِهِ مِمَّا لَا يَجْتَمِعَانِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقُوَّةِ فِي الرَّأْيِ لِمَا يَكُونُ بِحَسَبِ ظَنِّ الْمُوَكِّلِ، وَحَيْثُ اخْتَارَهُ لِلتَّوْكِيلِ مِنْ بَيْنِ مَنْ يَعْرِفُهُ بِالرَّأْيِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute