للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ) لِوُجُودِ الرِّضَا (أَوْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك) لِإِطْلَاقِ التَّفْوِيضِ إلَى رَأْيِهِ، وَإِذَا جَازَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكَّلِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْأَوَّلُ عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي.

بِالتَّوْكِيلِ، الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَا ثَمَّةَ مَنْ يَفُوقُهُ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ فَقَبُولُ تَوْكِيلِهِ حِينَئِذٍ مُنَاقِضٌ لِظَنِّهِ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ، فَإِنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ يَقُولُ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَقَدْ رَضِيَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ أَوْ أَطْلَقَ التَّفْوِيضَ إلَى رَأْيِهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِيهِ مَعَ غَيْرِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي ظَنِّهِ فَجَازَ تَوْكِيلُهُ كَمَا جَازَ تَصَرُّفُهُ، وَإِذَا جَازَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْأَوَّلُ عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ ثَمَّةَ، فَإِنْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ بِحَضْرَتِهِ جَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ الرَّأْيِ وَقَدْ حَصَلَ. قِيلَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ لَمْ يُكْتَفَ بِحُضُورِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ صَرِيحًا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ جَازَ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِلْجَوَازِ إجَازَةُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ فِي مَوْضِعٍ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا وَشَرْطُ إجَازَتِهِ قَالَ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَالْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ فَأَجَازَ الْوَكِيلُ جَازَ. حُكِيَ عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَ مُطْلَقًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا بَاعَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَجَازَ، فَكَانَ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ ، وَهَذَا لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْإِذْنِ بِهِ صَارَ كَالْعَدَمِ، وَعَادَ الْوَكِيلُ الثَّانِي فُضُولِيًّا وَعَقْدُهُ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِجَازَةِ أَلْبَتَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْجَوَازِ بِدُونِهَا مَا ذُكِرَ.

وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ الْمَقْصُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>