للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابتثثته بثّي كله، وبرئت إليه منه، ورفقت به. فلما سمعها ووعاها، وسرت في مفاصله حميّاها، قال: «حلّت معلوّطه «١» ، وولّت مخروّطه» »

، وأنشأ يقول:

إحدى لياليك فهيسي هيسي «٣» ... لا تنعمي اللّيلة بالتّعريس

نعم يا أبا عبيدة أكلّ هذا في نفس القوم، ويحسّون به، ويضطبعون «٤» عليه؟ قال أبو عبيدة: فقلت لا جواب لك عندي إنما أنا قاض حقّ الدّين، وراتق فتق المسلمين، وسادّ ثلمة الأمّة. يعلم الله ذلك من جلّجلان قلبي، وقرارة نفسي.

فقال عليّ رضي الله عنه: والله ما كان قعودي في كنّ هذا البيت قصدا للخلاف، ولا إنكارا للمعروف، ولا زراية على مسلم؛ بل لما قد وقذني «٥» به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من فراقه، وأودعني من الحزن لفقده. وذلك أنني لم أشهد بعده مشهدا إلا جدّد عليّ حزنا، وذكّرني شجنا. وإن الشوق إلى اللّحاق به كاف عن الطمع في غيره. وقد عكفت على عهد الله أنظر فيه، وأجمع ما تفرّق، رجاء ثواب معدّ لمن أخلص لله عمله، وسلّم لعلمه ومشيئته، وأمره ونهيه. على أني ما علمت أن التظاهر عليّ واقع، ولا عن الحق الذي سبق إليّ دافع؛ وإذ قد أفعم الوادي بي، وحشد النادي من أجلي، فلا مرحبا بما أساء أحدا من المسلمين وسرّني. وفي النفس كلام لولا سابق عقد، وسالف

<<  <  ج: ص:  >  >>