للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد، لشفيت غيظي بخنصري وبنصري، وخضت لجّته بأخمصي ومفرقي، ولكنني ملجم إلى أن ألقى الله ربي، وعنده أحتسب ما نزل بي. وإني غاد إلى جماعتكم، مبايع صاحبكم، صابر على ما ساءني وسرّكم لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا*

«١» .

قال أبو عبيدة: فعدت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقصصت عليه القول على غرّه «٢» ، ولم أختزل شيئا من حلوه ومرّه، وبكّرت غدوة إلى المسجد، فلما كان صباح يومئذ وإذا عليّ مخترق الجماعة إلى أبي بكر رضي الله عنهما، فبايعه، وقال خيرا، ووصف جميلا، وجلس زميتا «٣» ، واستأذن للقيام فمضى وتبعه عمر مكرما له، مستأثرا لما عنده.

فقال عليّ رضي الله عنه: ما قعدت عن صاحبكم كارها، ولا أتيته فرقا، ولا أقول ما أقول تعلة. ولئنّي لأعرف منتهى طرفي ومحطّ قدمي ومنزع قوسي، وموقع سهمي؛ ولكن قد أزمت «٤» على فأسي ثقة بربي في الدنيا والآخرة.

فقال له عمر رضي الله عنه: كفكف غربك «٥» ، واستوقف سربك، ودع العصيّ بلحائها، والدّلاء على رشائها. فإنا من خلفها وورائها، إن قدحنا أورينا، وإن متحنا أروينا، وإن قرحنا أدمينا، ولقد سمعت أماثيلك التي لغزت بها عن صدر أكل بالجوى، ولو شئت لقلت على مقالتك ما إن سمعته ندمت على ما قلت. وزعمت أنك قعدت في كنّ بيتك لما وقذك به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>