للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأروني ماذا ترتؤون وأيّ يومي أبي تنقمون: أيوم إقامته إذ عدل فيكم أم يوم ظعنه إذ نظر لكم؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. ثم أقبلت على الناس بوجهها فقالت أنشدكم الله هل أنكرتم مما قلت شيئا؟ قالوا اللهم لا.

ومن ذلك كلام أمّ الخير بنت الحريش البارقّية يوم صفّين في الانتصار لعليّ رضي الله عنه.

يروى أن معاوية كتب إلى واليه بالكوفة أن يحمل إليه أمّ الخير بنت الحريش البارقية برحلها، وأعلمه أنه مجازيه بقولها فيه بالخير خيرا وبالشرّ شرّا؛ فلما ورد عليه كتابه، وركب إليها فأقرأها الكتاب، فقالت: أما أنا فغير زائغة عن طاعة ولا معتلة بكذب! ولقد كنت أحبّ لقاء أمير المؤمنين لأمور تختلج في صدري. فلما شيعها وأراد مفارقتها قال لها: يا أمّ الخير، إن أمير المؤمنين كتب إليّ أنه يجازيني بقولك فيّ بالخير خيرا وبالشر شرّا؛ فما عندك؟ قالت: يا هذا لا يطمعنّك برّك بي أن أسرّك بباطل، ولا تؤيسك معرفتي بك أن أقول فيك غير الحق. فسارت خير مسير حتّى قدمت على معاوية فأنزلها مع حريمه، ثم أدخلها عليه في اليوم الرابع، وعنده جلساؤه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. قال لها وعليك السلام يا أمّ الخير، وبالرغم منك دعوتيني بهذا الاسم. قالت مه يا أمير المؤمنين! فإن بديهة السلطان مدحضة لما يجب علمه لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ

«١» . قال صدقت. فكيف حالك يا خالة؟ وكيف كنت في مسيرك؟.

قالت لم أزل في عافية وسلامة حتّى صرت إليك فأنا في مجلس أنيق، عند ملك رفيق- قال معاوية: بحسن نيتي ظفرت بكم- قالت يا أمير المؤمنين أعيذك بالله من دحض المقال وما تردي عاقبته! قال ليس هذا أردنا. أخبريني كيف كان كلامك يوم قتل عمّار بن ياسر؟ قالت لم أكن والله زوّرته قبل ولا روّيته بعد.

وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصّدمة فإن شئت أن أحدث لك مقالا

<<  <  ج: ص:  >  >>