السابق، الوامق، الجامع، الصادع، أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، ناظم مفرّق الفخار، وهازم فرق الفجّار، والملازم لإحياء سنّة الجهاد المتروكة في الأقطار، حتّى يجمع في ملكه أطراف الغرب الأقصى للاستيلاء والاستظهار، ويخضع لفتكه كلّ متكبّر جبّار، ويرصّع في سلكه ما تأبّى وصعب من تلك الديار، ويرفع لنسكه أعمالا من الجهاد والاجتهاد تسرّ الحفظة الأبرار، يظهر فيها لبركة الاسم العلويّ من نشر الهدى، وقهر العداء، أوضح الأدلّة وأبين الآثار، ويؤثر سلطاننا المحمديّ من عليّ عزمه، وحميّ حزمه، بأعزّ الأعوان والأنصار، فتظفر دار الإسلام من قومه بمهاجرين من أبناء البلاد يقرّ لهم بأمّ القرى قرار، ويسير سواهم للبيت ذي الحجر والحجر «١» والباب والميزاب والملتزم والجدار والأستار، بسلام مشرق الغرر، مونق الحبر، وثناء مع ريّاه لا يعبأ بالعبير مع نشره ولا يعتبر، ووداد مخفيّ الخبر، واعتداد يطول منه ألسنة الشكر عن إحصائه واستقصائه قصر، وإيراد لمفاخره التي سارت بها الأخبار والسّير، واعتقاد لمآثره التي سبق عثمانها إلى إحراز مزايا الفضل وجاء عليّها على الأثر.
أما بعد حمد الله الذي أمر أولياءه المؤمنين بالمعاونة والمظافرة، ونهى عباده الصالحين عن المباينة والمنافرة، ورعى لحجّاج بيته حرمة القصد وكتب لهم أجر المهاجرة، ودعا إلى حرمه، من أهّله من خدمه، فأجابه بالتلبية وأثابه وآجره.
والشهادة له بالوحدانيّة التي تسعد بمصاحبة المصابرة، وتصعد إلى الدرجات الفاخرة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ذي المناقب الباهرة، والمواهب الزّاخرة، والمراتب التي منها النّبوّة والرسالة في الدنيا والوسيلة والشفاعة في الآخرة، وعلى آله وصحبه الذين أفنى الله الشرك بصوارمهم الحاصدة وأدنى القتل بعزائمهم الحاضرة، صلاة إلى مظانّ الرّضوان متواترة، ما ربحت وفود مكة البركة الوافرة، ووضحت لقاصدي الكعبة البيت الحرام أوجه القبول سافرة.