للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على لبس الغضّ المونق الجديد، لباس اليلب «١» ولأمات الحديد، ولازم في ذات الله قرع أبواب الحتوف، والتهجّم على كل مخشيّ مخوف، حتّى ذلّل الأعداء، وقمع الاعتداء، وحسم الأدواء، وألزم الدّهر بعد خطئه الاستهواء، وأفاد دولة أمير المؤمنين باجتهاده عزّا، وادّخر لها عند الله من الأجر والمثوبة كنزا، وسيّر عنها في الآفاق أحسن الأحاديث، وبيّن فضلها على غيرها في القديم من الدّهر والحديث، وأخلص لأمير المؤمنين في الطاعة حتّى استخدم الموالي الموافق، والمباين المنافق، وكمّل فضائله التي لا تحدّ، ومحاسنه التي لا تنحصر ولا تعدّ، بفضيلة تفوت الفضائل، ومنقبة تفوق بفخرها المناقب الجلائل: وهي ما وجهه الله [له] «٢» من بنوّة الأجلّ فلان الذي لم يزل للدولة عزّا حاضرا، ووليّا ناصرا، وعونا قاهرا، ومجدا ظاهرا، وجمالا باهرا. وما برح الله- جلّ وعلا- مراقبا، ولرضاه وغفرانه طالبا، قد جمع إلى كمال الدّين وصحّة اليقين، المخالصة في طاعة أمير المؤمنين، لا يفتر منذ مدّة الطّفوليّة [عن] «٣» درس القرآن، ولا يباري بغير الأمور الدينية نجباء الأقران؛ إن تصفّحت محاسنه الدنيويّة عدّ ملكا مهذّبا، وإن تأمّلت مناقبه الدينيّة حسب ملكا مقرّبا؛ وكم له من منقبة تستنقص الغيوث، وشجاعة تستجبن اللّيوث، ومهابة تردّ أحاديثها الجيوش على الأعقاب، وتغريها بموالاة الحذر والارتقاب؛ إذا أسهبت الخطوب أوجز تدبيره، وإذا استطالت الحوادث قصّر طولها فأعجب تقريره؛ فالدولة العلويّة من ذبّه في الحرم الآمن، والخلافة العاضديّة من ملاحظاته في تدبير يجمع أشتات الميامن؛ فاجتماع المآثر قد وحّده، بشهادة الإجماع، وتوالي المحامد قد أفرده، بما شاع منه في الممالك وذاع؛ تتحاسد عليه غرّ الأخلاق، وتتنافس فيه المكارم منافسة ذوات الإشراق، فلا توجد خلّة فضل بارع إلا وقد جمّعها، ولا مكنة جبر «٤» قارع إلا وهو الذي مهّد

<<  <  ج: ص:  >  >>