للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيقظته إشارتنا، فغدا في الحكم كهلا، وحفظته رعايتنا، فعمرت بيته العمريّ الذي ما زال بالعوارف ملموحا وللقبول أهلا، وأحظته سعادتنا، في إقامته مقام أبيه في حفظ أسرارنا التي هو أحقّ بإيداعها وأولى- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نجري بمراسمنا أقلامه، ونوفّر من إنعامنا أقسامه.

فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا برحت سحائبه عامّة، ومواهبه لها مزيد وإدامة، ورعايته إذا ابتدأت فضلا رأت إتمامه، وكواكبه تسير في منازل عزّها ولنيّرها الأكبر الإرشاد والإمامة- أن يفوّض إليه كذا وكذا، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، نظير ما كان مستقرّا لأخيه.

فليباشر هذه الوظيفة التي لها به وبأهله أعظم فخار، وليحلّ هذه الرتبة التي ما منهم إلا من يجتبى ويستخار، وليجمّل هذا المنصب الذي إليهم مصيره في جميع الأمصار، وليحلّ المهارق بإنشاءاته التي شان مطاولها عن شأوها الإقصار، وليتوقّل هذه الهضبة التي لها على عليائهم اقتصار، وفي آبائهم وأبنائهم لها تعيين وانحصار، وليدبّج الطّروس من خطّه بالوشي الرقيم، وليبهج النفوس من خطابه بالدّرّ النظيم، وليسرج الشّموس من أوضاع كتابته التي تبرز من إبريز كنوزها «ابن العديم» ، وليجهزّ البرد التي تقدمها مهابتنا فلم يكتبها من كتائب الأعداء هزيم، وليزيّن مقاصدها التي قرن بها الفتح القريب والنصر العزيز والفضل العظيم؛ وهو بحمد الله غنيّ عن الإرشاد بالوصايا والتفهيم، عليّ القدر لا يحتاج مع ألمعيّته إلى تنبيه ولا إلى تعليم، وهم أئمة هذه الصناعة ولهم الفضل القديم، وسبيلهم السّويّ وصراطهم القويم؛ والله تعالى يوفّر لهم فضلنا العميم، ويظفر أقدارهم من لدنّا بتكرير التكريم، ويسني أمرهم في آفاق العلياء يسعد ويقعد ويقيم، ويديم لكلّ منهم في ظلّ نعمنا المزيد والتأكيد والتقديم؛ والعلامة الشريفة أعلاه، حجة بمقتضاه، إن شاء الله تعالى.

وهذه وصية لكاتب السرّ، أوردها في «التعريف» وهي:

<<  <  ج: ص:  >  >>