للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النائية خضوعا فتتّخذ كتب رسائلها على المفارق بعد اللّثم تيجانا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل نبيّ سنّ المعروف وندب إليه، وأكرم رسول جعل خير بطانتي الملك التي تأمره بالخير وتحثّه عليه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين سلكوا في السّير سبيله واتّبعوا في السّيرة سننه واقتفوا فيه سننه، واتّبعوا في المعروف آثاره فتلا عليهم تالي الإخلاص: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

«١» ، صلاة تتناقل على مرّ الزمان أخبارها، ويتصدّى لروايتها من الأمّة على تمادي الدّهر أحبارها، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإن رياسة أهل الدّول تتفاوت باعتبار قرب الرئيس من ملكه في مخاطبته ومناجاته، واعتماد تصرّفه في أمور دولته وتنفيذ مهمّاته، والاستناد على رأيه في جليل خطوبه وعظيم ملمّاته:

فعال تمادت في العلوّ كأنّما ... تحاول ثأرا عند بعض الكواكب

ولا خفاء أنّ صاحب ديوان الإنشاء من هذه الرتبة بالمحلّ الأرفع، والمنزلة التي لا تدافع ولا تدفع، والمقام الذي تفرّد بصدارته فكان كالمصدر لا يثنّى ولا يجمع؛ إذ هو كليم الملك ونجيّه، ومقرّب حضرته وحظيّه، بل عميد المملكة وعمادها، وركنها الأعظم وسنادها، حامي حومتها وسدادها، وعقدها المتّسق ونظامها، ورأس ذروتها العلياء وسنامها، وجهينة خبرها، وحقيبة وردها وصدرها، ومبلّغ أنبائها وسفيرها، وزند رأيها الموري ومشيرها.

فحيّهلا بالمكرمات وبالعلى ... وحيّهلا بالفضل والسّؤدد المحض

هذا، وهو الواسطة بين الملك ورعيّته، والمتكفّل لقصيّهم بدرك قصده وبلوغ بغيته، والمسعد للمظلوم من عزائم توقيعاته بما يقضي بنصرته؛

<<  <  ج: ص:  >  >>