وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ ... إِذا احتاجَ النّهارُ إِلى دليل
إِذا لم يكن مثلك -وقد فعلتَ بالسنّةِ الصحيحةِ ما فعلت، وخالفتَ أَئمة الحديثِ المتقدمين منهم والمتأخرينِ- من (أَهلِ الأهواء) ، فليسَ في الدنيا أحدٌ يصحُّ أن يقالَ فيه: إِنّه من (أهل الأهواءِ) ، ويكونُ السلفُ الصالحُ قد أخطأوا -في رأيك- حين أَطلقوا هذه الكلمةَ على المبتدعةِ المخالفين للسنّةِ، وعليه يجبُ بزعمِك أن تُرفعَ هذه الكلمةُ من قاموسِ العلماءِ؛ بسبب أنّه لا يمكنُ الاطلاعُ علِى ما في القلوبِ كما قلتَ! وقد تجاهلتَ الحكمةَ القائلةَ:"ما أَسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ ألبسَه اللهُ رداءَها، إِنْ خيرًا فخيرٌ، وإِنْ شرًّا فشرٌ"، ونسبه بعضُ الضعفاءِ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصحُّ، كما كنتُ بينتُه في "الضعيفة"(٢٣٧) ، ومن ذلك قولُ الشاعر:
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ ... وإِن خالها تخفى على النَّاس تُعلمِ
هذه سنّةُ الله في خلقِه، ولولا ذلك لفسدتِ الأرض وما عليها، ولما أمكنَ معرفةُ المؤمنِ من الكافرِ، والصالحِ من الطالحِ، ولم يكن هناك شيءٌ معروفٌ في الشرعِ اسمه (الحبّ في الله، والبغض في الله) وما يترتبُ من وراءِ ذلك من الأحكامِ المعروفةِ لدى المسلمين كافّة، وهذا ظاهرٌ لا يمكنُ أن يخفى على عاقل، إِلاّ أن يكونَ مكابرًا من (أَهلِ الأهواءِ) ! والله المسُتعان، ولا حولَ ولا قوّةَ إلاّ باللهِ.
هذا، وللأخِ محمد سعيد عمر إِدريس ملحقٌ بكتاب الآجرّي "تحريم النرد والشطرنج والملاهي" في تحقيقِ أَحاديث الملاهي، ومنها حديثُ المعازفِ هذا، ردَّ فيه تضعيفَ ابن حزمٍ فأَحسنَ، وشرحَ غريبَه، فراجعه؛ فإنّه مفيد (ص ٢٧٦-٢٩٨) .
٤- آخر الحديث (١٢٢) :
وقد صرَّحَ القاسمُ بن الفضل بالتحديثِ أيضًا عند الحاكمِ والترمذيّ، وأمّا ابن حبّان؛ فأَدخلَ بينَه وبين أبي نضرة (الجريريَّ) من روايةِ هدبة بن خالد القيسي، وهي روايةٌ شاذةٌ، فقد أَخرجه أَبو نعيم في "دلائلِ النبوّةِ"(ص ٣١٨) من طريق