قلت: وهذا إِسنادٌ صحيح، رجاله كلُّهم ثقات، وفيه حجّةٌ قويّةٌ أَنَّ المقصودَ بالنهي إِنّما هو الإِسراعُ في المشي؛ لأنّ راوي الحديثِ أَدرى بمرويِّه من غيرِه، ولا سيما إِذا كانَ هو المخاطبَ بالنهي، فخذها؛ فإِنّها عزيزةٌ قد لا تجدها في المطولاتِ من كتبِ الحديثِ والتخريج، وبالله التوفيق.
٨- آخر الحديث (٢٦٦) :
(تنبيه) : من غرائبِ التتابعِ في الخطأ، ومخالفةِ النقدِ العلميّ الصحيح، وتتابعِ العلماءِ الحفّاظِ على تقويةِ هذا الحديث - ما وقعَ فيه مَنْ جاءَ بعدَ المبُاركفوريِّ من المخرِّجين، وهم جمع:
الأَوّل - المبُاركفوريّ، وقد سبقَ بيانُ سببِ خطئِه مفصلاً.
الثاني - الشيخ أَحمد شاكر رحمه الله في تعليقِه على "المسند"(٢/٣٣٢) ، ويغلبُ على ظنّي أنَّ سببَ خطئِه - مع وقوعِ نسبةِ (القرشيّ) في "المسندِ" أنَّ الحديثَ وقعَ فيه بين حديثين لعبد الرحمن بن إِسحاقَ، عن النعمان بن سعد، عن علي، وهو فيهما الواسطيّ يقينًا، فانتقلَ بصرُه أو وَهْلُه إِليه، ولم ينتبه لنسبةِ (القرشيّ) في حديثنا.
ومثل هذا الانتقال لا عيبَ فيه؛ لأنّه لا ينجو منه كاتبٌ أَو مؤلفٌ، وإِنّما العيبُ على الذين جاؤوا من بعدِه فقلدوه، وتجاهلوا النسبةَ المذكورةَ، أَو وهّموا راويَها بغير حجّةٍ أَو برهانٍ، وهم:
الثالث - الشيخ شعيب الأَرناؤوط، وبقية الستة المشاركونَ له في التحقيقِ (!) في التعليقِ على "المسندِ" أيضًا (٢/٤٣٨ - طبع المؤسسة) ، فقد تجرّأَ -أَو تجرؤوا جميعًا- على تخطئةِ الرواةِ بمجرّدِ الدعوى فقالوا:
"وقولُ أَحدِ الرواةِ في هذا الحديثِ في نسب (عبد الرحمن) : "القرشيّ"