اعتمدوا على عزوي للحاكمِ بالجزء والصفحةِ دون أن يرجعوا إِلى كتابِه مباشرةً، ولو فعلوا لرأوا (القرشيّ) !
فثبتَ يقينًا بطلان دعواهم أنَّ راوي الحديثِ هو عبد الرحمنِ الواسطيّ الضعيف، وبالتالي يثبت بطلان دعوى أنَّ الحديثَ ضعيفٌ.
ولا يشكلُ على هذا ما ذكروا من روايةِ هذا الضعيفِ عن (سيار) ، وعنه (أَبو معاوية) كما كنتُ ذكرتُ هناك، وذلك لسببين:
أَحدهما - أنَّه من المقررِ عند العلماءِ "أنَّ ذكرَك الشيءَ لا ينفي ما عداه"؛ ولغفلتِهم عن هذه الحقيقةِ العلميّةِ جزموا بالنفي!
والآخر - أنّه لا مانعَ أَن يشتركَ الراويانِ المسمَّيانِ باسمٍ واحدٍ عن شيخٍ واحدٍ أَو أَكثر، وعنهما كذلك شيخٌ واحدٌ أَو أَكثر.
ومن الأَمثلةِ المعروفةِ في ذلك (عبد الكريم بن مالك الجزري الحرّاني) ، وهو ثقة، و (عبد الكريم بن أَبي المخارق البصري) ، وهو ضعيف، وقد اشتركا في الرواية عن بعضِ الشيوخِ، مثل: سعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء بن أَبي رَباح، ونحوِهم من الأَكابرِ، واشتركَ في الروايةِ عن كلٍّ منهما إِسرائيلُ بن يونس والسفيانانِ وغيرُهم من الثقاتِ، ولهذا قالَ الحافظُ في "التقريب/ترجمة عبد الكريم البصري":
"وقد شاركَ الجزريّ في بعضِ المشايخِ، فربما التبسَ به على من لا فهمَ له"!
فإِذا جاءَ (عبد الكريم) هكذا غير منسوبٍ في سندٍ من تلك الأَسانيدِ المشتركةِ، وجاءَ في رواية أُخرى (عبد الكريم الجزري) هكذا منسوبًا، لم يجزْ بداهةً ادّعاءُ أنّه البصريُّ! هذا حالُ أُولئك المكابرين تمامًا، ولذلك فقد أَصابَهم شيءٌ من رشاشِ كلامِ الحافظِ المتقدم.