فالذي توجبه نفس البينة فالصفة بمعلوم توجب أنه لا بد من عالم وكذلك مكرم. وأما الذى يوجبه معنى العبارة من حيث لا تصح إلا به فكالصفة بقاتل، تدل على مقتول من حيث لا يصح معه معنى قاتل ولا مقتول، فهو على دلالة التضمين. والتضمين الذى يوجبه معنى العبارة من جهة جريان العادة فكقولهم: الكر بستين، المعنى فيه بستين دينارا، فهذا مما حذف وضمن الكلام معناه لجريان العادة به ". (٢) قال الرماني: " والتضمين كله إيجاز استغنى به عن التفصيل، إذ كان مما يدل دلالة الاخبار في كلام الناس، وأما التضمين الذى يدل عليه دلالة القياس فهو إيجاز في كلام الله عز وجل خاصة، لانه تعالى لا يذهب عليه وجه من وجوه الدلالة، فنصبه لها يوجب أن يكون قد دل عليها من كل وجه يصح أن يدل عليه، وليس كذلك سبيل غيره من المتكلمين بتلك العبارة، لانه قد يذهب عنه دلالتها من جهة القياس، ولا يخرجه ذلك عن أن يكون قد قصد بها الابانة عما وضعت له في اللغة من غير أن يلحقه فساد في العبارة ". (٣) قال الرماني: " وكل آية فلا تخلو من تضمين لم يذكر باسم أو صفة، فمن ذلك: " بسم الله الرحمن الرحيم " قد ضمن التعليم لاستفتاح الامور على جهة التبرك به والتعظيم لله بذكره، وأنه أدب من آداب الدين وشعار المسلمين، وأنه إقرار بالعبودية واعتراف بالنعمة التى هي من أجل نعمه، وأنه ملجأ الخائف، ومعتمد للمستنجح ". (٤) س، ك: " عدل عن ذلك للمبالغة " وقال الرماني بعد ذلك: " ولا يجوز أن يوصف به إلا الله عز وجل، لانه يدل على معنى لا يكون إلا له، وهو معنى وسعت رحمته كل شئ ". إعجاز القرآن (*)