للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قوله تعالى: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١).

قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ينزفون» في الموضعين، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أنزف ينزف» اذا سكر، والمعنى:

ولا هم عن الخمر يسكرون فتزول عقولهم، أي تبعد عقولهم، كما تفعل خمر الدنيا.

وقيل: هو من «أنزف ينزف» اذا فرغ شرابه

والمعنى: ولا هم عن الخمر ينفذ شرابهم كما ينفد شراب الدنيا، فالمعنى الاول من نفاد العقل، والثاني من نفاد الشراب.

والاحسن أن يحمل على نفاد الشراب، لان نفاد العقل قد نفاه الله عن خمر الجنة في قوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ أي لا تغتال عقولهم فتذهبها، فلو حمل «ينزفون» على نفاد العقل لكان المعنى مكررا، وحمله على معنيين أولى.

وأما الذي في الواقعة فيحتمل وجهين، لانه ليس قبله نفي عن نفاد العقل بالخمر، كما جاء في سورة الصافات.

وقرأ «عاصم» موضع والصاغات «ينزفون» بضم الياء، وفتح الزاي، مضارع «نزف الرجل» بمعنى سكر، وذهب عقله.

ورده الى ما لم يسم فاعله لغة مشهورة في أفعال قليلة أتت على لفظ ما لم يسم فاعله (٢).


(١) سورة الواقعة الآية ١٩.
(٢) مثل: «زهى فلان علينا» ولا يقال «زها» و «نخى» من النخوة، و «عنيت بالشيء» ولا يقال:
«عنيت» و «نتجت الناقة» ولا يقال: «نتجت» و «اولعت بالامر» و «ارعدت» و «سقط في يدي» و «اهرع الرجل» الخ.
انظر: المزهر في اللغة للسيوطي ج ٢ ص ٢٣٣، ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>