أحدهما: أن يعدهم من المنافع في الدنيا، ويطمع لهم ذلك، من نحو ما جاء من التنفيل: أن من فعل كذا فله كذا، أو يعدهم المنافع في الآخرة؛ كقوله:(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. . .) الآية، وما ذكر من الثواب في الآخرة بالنفقة التي ينفقونها في سبيل اللَّه؛ كقوله:(هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ). فما ذكرنا فيه وعد المنافع لهم في الدنيا والآخرة، ووعد النصر لهم.
والثاني: يكون التحريض بضرر يلحق أُولَئِكَ، ونكبة تصل إليهم؛ كقوله:(أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ. . .) الآية، إلى قوله:(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ)، جمع اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - في هذه الآية جميع أنواع الخير الذي يكون في القتال مع العدو، من وعد النصر للمؤمنين عليهم، وإدخال السرور في صدورهم، ونفي الحزن عنهم، وتعذيب أُولَئِكَ بأيديهم.
وفيه إغراء على العدو بقوله:(أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ)، فذلك كله يحرض على القتال، ويرغبهم في الحرب مع العدو، واللَّه أعلم.