للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِقْبَالِ هَذَا الدِّينِ أَنْ تَفْقَهَ الْقَبِيلَةُ بِأَسْرِهَا، حَتَّى لَا يُوجَدُ فِيهَا إِلَّا الْفَاسِقُ وَالْفَاسِقَانِ، فَهُمَا مَقْهُورَانِ ذَلِيلَانِ، إِنْ تَكَلَّمَا قَمْعًا وَقَهْرًا وَاضْطُهِدَا، أَلاَ وَإِنَّ مِنْ إِدْبَارِ هَذَا الدِّينِ أَنْ تَجْفُوَ الْقَبِيلَةُ بِأَسْرِهَا، حَتَّى لاَ يُرَى فِيهَا الْفَقِيهُ وَالْفَقِيهَانِ، وَهُمَا مَقْهُورَانِ ذَلِيلَانِ، إِنْ تَكَلَّمَا فَأمَرَا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيَا عَنِ الْمُنْكَرِ: قمعا وقهرا وَاضْطُهِدَا، فَهُمَا مَقْهُورَانِ ذَلِيلَانِ، لاَ يَجِدَانِ عَلَى ذَلِكَ أَعْوَانًا وَلاَ أَنْصًارًا".

فوصف في هذا الحديث المؤمن العالم بالسنة الفقيه في الدين بأنه يكون في آخر الزمان عند فساده مقهورًا ذليلاً، لا يجد أعوانًا ولا أنصارًا.

وخرج الطبراني أيضاً بإسناد فيه ضعف، عن ابن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-

في حديث طويل في ذكر أشراط الساعة قال: «وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِهَا أَنْ يَكُون المُؤمن فِي القَبِيلَةِ أَذَلّ مِنَ النَّقْدِ» (١) والنَّقَدُ: هي الغنم الصغار.

وفى "مسند الإمام أحمد" (٢) عن عبادة بن الصامت قال لرجل من أصحابه: يوشك إِن طالت بك حياة أن ترى الرجل قد قرأ القرآن عَلَى لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، أو عَلَى من قرأه عَلَى لسان محمد فأعاده وأبداه، فأحل حلاله وحرم حرامه، ونزل عند منازله لا يجوز فيكم إلا كما يجوز رأس الحمار الميت.

ومنه قول ابن مسعود: وسيأتي عَلَى الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من الأَمَة.

وإنما ذل المؤمن في آخر الزمان لغربته بين أهل الفساد من أهل الشبهات والشهوات، فكلهم يكرهه ويؤدِّيه، لمخالفة طريقه لطريقهم، ومقصوده لمقصودهم، ومباينته لهم فيما هم عليه.

ولما مات داود الطائي قال ابن السماك: إِنَّ داود نظر بقلبه إِلَى ما بين يديه


(١) ذكره الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٣٢٢ - ٣٢٣) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه: سيف بن مسكين، وهو ضعيف.
(٢) (٤/ ١٢٦).