وخرج أبو الشيخ الأصبهانى بإسناده عن الحسن قال: لو أن رجلاً من الصدر الأول بعث اليوم: ما عرف من الإسلام شيئًا إلا هذه الصلاة، ثم قال: أما والله، لئن عاش عَلَى هذه النكرات فرأى صاحب بدعة يدعو إِلَى بدعته، وصاص دنيا يدعو إِلَى دنياه، فعصمه الله عز وجل، وقلبه يحن إِلَى ذلك السلف الصالح، فيتبع آثارهم، ويستن بسنتهم، ويتبع سبلهم كان له أجر عظم.
وروى المبارك بن فضالة، عن الحسن أنه ذكر الغني المترف، الَّذِي له سلطان يأخذ المال ويدعي أنه لا عقاب فيه، وذكر المبتدع الضال الَّذِي خرج بسيفه عَلَى المسلمين، وتأول ما أنزله الله في الكفار عَلَى المسلمين ثم قال: سنتكم والله الَّذِي لا إله إلا هو بينهما بين الغالي والجافي، والمترف والجاهل، فاصبروا عليها، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس الذين لم يأخذوا من أهل الإتراف إترافهم ولا مع أهل البدع أهواءهم، وصبروا عَلَى سنتهم، حتى أَتَوْا ربهم، فكذلك إِنَّ شاء الله فكونوا.
ثم قال: والله لو أن رجلاً أدرك هذه النُّكُرات، يقول هذا: هَلُم إليَّ، ويقول هذا: هَلُم إِلَيّ، فيقول: لا أريد إلا سُنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، يطلبها ويسأل عنها، إِنَّ هذا ليقرض له أجرٌ عظيم، فكذلك إِنَّ شاء الله فكونوا.
ومن هذا المعنى ما رواه أبو نعيم وغيره، عن كميل بن زياد، عن علي رضي الله عنه أنه قال: الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم عَلَى سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العِلْم، ولم يلجئوا إِلَى ركن وثيق، ثم ذكر كلامًا في فضل العِلْم إِلَى أن قال:(هاه)(*) إِنَّ ها هنها -وأشار إِلَى صدره- علمًا، لو أصبت له حملة، بل أصيبه لقنا غير مأمون عليه نستعمل آلة الدين للدنيا، نستظهر بحجج الله عَلَى كتابه، وبنعمته عَلَى عباده أو منقادًا لأهل الحق، لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه