للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (١)، وكثيراً ما قالوا: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} (٢)، وكانوا يفخرون بأنهم: {أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (٣)، وربما قصرت طوائف منهم الخلاص فيمن آمن بالمسيح وفق ما يعتقدون.

وحين يُعلي الإسلام شأن الأمة الإسلاميّة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (٤)؛ يهوي بمن اعتقد أنَّ الله ثالث ثلاثة، وأنَّ الله هو المسيح ابن مريم، وأنّ الله اتخذ ولداً، إلى هاوية الكفر واللعنة: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٥).

وهنا حدث صراع بين أتباع الديانات الكبرى أيها يستحق شرف قيادة الإنسانيّة.

وكان الإسلامُ هو الدين الذي أثبت صدق دعواه حين جمع تحت رايته في زمن يسير أكثر من ثلثي سكان المعمورة على اختلاف أجناسهم، مسوياً بينهم في الحقوق والواجبات، مشكلاً أزهى عصور التاريخ حضارةً وعلماً وأخلاقاً (٦).

لقد طبَّق الإسلام الخافقين في فترة لم تتجاوز القرن من الزمان، وبسط المسلمون نفوذهم على الجزيرة وبلاد الشام -بما فيها بيت المقدس حيث مقدسات النّصارى- ومصر والمغرب، بل امتدت الفتوحات من الصين والهند وإندونيسيا شرقاً إلى الأندلس (إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا) غرباً.

وفي عهد الخلافة العثمانية فُتحت القسطنطينية سنة ١٤٥٣م، وشملت الفتوح نصف القارة الأوروبيّة، وحوصرت فيينا سنة ١٥٢٩م.


(١) سورة البقرة، من الآية ١١١.
(٢) سورة البقرة، من الآية ١٣٥.
(٣) سورة المائدة، من الآية ١١٨.
(٤) سورة آل عمران، من الآية ١١٠.
(٥) سورة المائدة، من الآية ٧٨.
(٦) انظر: ماذا يريد الغرب من القرآن، الراضي، ص١١١ - ١١٢.

<<  <   >  >>