للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قال": =فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه+ ولم يقل يسلمانه؛ لأنه باقٍ على الأصل، فاعتناق غير الإسلام يعد خروجاً عن الأصل والقاعدةِ بأسباب خارجة.

* * *

[٢ ـ دلالة الشرع]

أما دلالة الشرع فواضحة معلومة؛ فما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب يدل دلالة قاطعة على وحدانية الله، فالكتب السماوية كلها تنطق بذلك، وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح العباد في دنياهم وأخراهم؛ كالصلاة، والزكاة، والحج، وغيرها، وما جاءت به من الأخبار الكونية، والمغيبات التي شهد الواقع بصدقها_كل ذلك يدل على أنها من ربٍّ حكيمٍ عليمٍ مستحقٍ للعبادة وحده لا شريك له (١) .

* * *

[٣ ـ دلالة العقل]

أما دلالة العقل على وحدانية الله فلأن المخلوقاتِ جميعَها لابد لها من مُوجِد وخالق؛ إذ لا يمكن أن توجِد نفسَها بنفسِها، ولا يمكن أن توجَدَ صدفة؛ فهذه المخلوقات لا يمكن أن تُوجِد نفسها بنفسها؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً؟

كذلك لا يمكن أن توجد صدفة؛ لأن كل حادث لابد له من مُحدِثٍ، ولأن وجودها على هذا النظام المتسق البديع المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب والمسببات وبين الكائنات بعضها مع بعض_يمنع منعاً باتاً أن يكون وجودُها صدفةً (٢) .

أضف إلى ذلك ما تجده من افتقار المخلوق الشديد؛ فالافتقار وصف ذاتي للمخلوق ملازم له؛ مما يدل على أنه لابد من وجود خالق، كامل، غني عما سواه، وهو رب العالمين.

وقد ذكر الله _سبحانه وتعالى_ هذا الدليل العقلي والبرهان القاطع في سورة الطور، حيث قال: [أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ] (الطور: ٣٥) .

يعني أنهم لم يُخلقوا من غير خالقٍ، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله_تبارك وتعالى_ (٣) .


(١) انظر نبذة في العقيدة الإسلامية، ص١١_١٢.
(٢) انظر الرياض الناضرة لابن سعدي ص١٩٤، ونبذة في العقيدة الإسلامية، ص١١_ ١٥.

(٣) مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>