وَأَعَانَهُمُ النَّاسُ، فَمَا تَرَجَّلَتِ الشَّمْسُ حَتَّى أَلْصَقَهَا كُلَّهَا بِالْأَرْضِ مِنْ جَوَانِبِهَا جَمِيعًا، وَكَانَ هَدْمُهَا يَوْمَ السَّبْتِ النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَلَمْ يَقْرَبِ ابْنُ عَبَّاسٍ مَكَّةَ حِينَ هُدِمَتِ الْكَعْبَةُ حَتَّى فُرِغَ مِنْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: لَا تَدَعِ النَّاسَ بِغَيْرِ قِبْلَةٍ، انْصِبْ لَهُمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْخَشَبَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى يَطُوفَ النَّاسُ مِنْ وَرَائِهَا وَيُصَلُّوا إِلَيْهَا. فَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَعَجَزَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا فِي الْحِجْرِ مِنْهَا أَذْرُعًا، وَلَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ وَأَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهَا، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ بِالْأَرْضِ، بَابًا شَرْقِيًّا يَدْخُلُ مِنْهُ النَّاسُ، وَبَابًا غَرْبِيًّا يَخْرُجُ مِنْهُ النَّاسُ، وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا» ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: «تَعَزُّزًا أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَادُوا، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَرِهُوا أَنْ يَدْخُلَهَا يَدَعُونَهُ أَنْ يَرْتَقِيَ، حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ هَدْمُهَا، فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا فِي الْحِجْرِ مِنْهَا» . فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، فَلَمَّا هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ وَسَوَّاهَا بِالْأَرْضِ كَشَفَ عَنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، فَوَجَدُوهُ دَاخِلًا فِي الْحِجْرِ نَحْوًا مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَشِبْرٍ، كَأَنَّهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ، آخِذٌ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَتَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، يُحَرَّكُ الْحَجَرُ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَتَحَرَّكُ الْأَرْكَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute