للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالَّذِينَ آوَوا} يعني: آووهم، قد قدمنا أن العرب تقول: آواهُ يؤويه إيواء: إذا ضَمَّهُ إلَيْهِ وجَعَلَ لَهُ مأْوًى يَأْوِي إِلَيْهِ، والمَأْوَى: المَسْكَنُ والمَنْزِلُ؛ لأن الأنْصَار هَيَّئُوا لِلْمُسْلِمِينَ أمكنة ينزلون فيها وهيَّئُوا لهم كل ما يَسْتَعِينُونَ بِهِ، وآخَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهم، كان يقول: «فلان أخُو فلان» فيتوارثان بذلك الإخاء، وكان الأنصار يشاطرونهم أموالهم، وقد آخى صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف الزهري (رضي الله عنه) وسعد بن الربيع الأنصاري (رضي الله عنه)، ذكر بعض أهل المغازي والأخبار أن النبي لما آخى بينهما جاء سعد إلى عبد الرحمن وقال: أرخص ما عندي نعلاي، فهذه إحداهما، وأعظم ما عندي زوجتاي أنزل لك عن إحداهما، فإن تمت عدتها تزوجتَها!! -وقد كان عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) وأغلب المهاجرين تعففوا واتجروا- فقال له عبد الرحمن بن عوف: أقرضني درهماً. فأقرضه درهماً فاتّجر به، فراح وعنده درهمان، ردّ إليه درهمه واتجر بالثاني، فراح عنده درهمان، ولم يزل يتجر حتى انتشر عليه المال وكان من أغنياء الصحابة (١) (رضي الله عنهم).

فهم آووهم حيث هيئوا لهم المساكن والأموال، وشاطروهم أموالهم، وأحسنوا إليهم كل الإحسان، كما في قوله: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة}


(١) أخرجه البخاري في البيوع، باب ما جاء في قول الله عز وحل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ... } رقم: (٢٠٤٨)، (٤/ ٢٨٨). وطرفه في (٣٧٨٠). عن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه). وأخرجه أيضاً عن أنس (رضي الله عنه) (الموضع السابق) برقم (٢٠٤٩). وأطرافه في: (٢٢٩٣، ٣٧٨١، ٣٩٣٧، ٥٠٧٢، ٥١٤٨، ٥١٥٣، ٥١٥٥، ٥١٦٧، ٦٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>