للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحشر: الآية ٩] هذا ثناء الله ومدحه للمهاجرين والأنصار، ثم قال {أُوْلَئِكَ} شاملة للمهاجرين والأنصار معاً، فالمهاجرون هم المعبّر عنهم بـ {آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} والأنصار هم المعبّر عنهم بقوله: {آوَواْ وَّنَصَرُواْ} أي: آووا النبي وأصحابه ونصرهم على أعدائهم، هؤلاء جميعاً {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} حق إيمانهم حقّاً؛ لأنهم صدقوا إيمانهم بهجرتهم وجهادهم في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وبإيمانهم، وأولئك حققوه بإيوائهم ونصرتهم لله؛ لأن الأنصار قامت موقفاً عظيماً حيث تحملت عداوة جميع أهل الدنيا في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولذا قال: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ} -هؤلاء- {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} بمعنى الكلمة الإيمان الذي هو لا قيل فيه ولا قال، بل هو الإيمان كما ينبغي.

وهذه من الآيات الدالة على تزكية الصحابة لاسيما المهاجرين والأنصار، ووصفهم بالعدالة وصحة الإيمان، فإذا روى لنا مهاجري أو أنصاري حديثاً فلا نقول: هل هذا عدل أو غير عدل؟ لأنه لا مزكّى أعظم تزكية من الله، ولا تزكية أعظم من قوله: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)} [الأنفال: الآية ٤] والله (جل وعلا) نوّه بشأن المُهَاجِرِين والأنْصَار الذين اتبعوهم، ونوَّهَ بشأن جميع الصحابة وَزَكَّاهُمْ فِي غَيْرِ ما آية، فمن الآيات التي أثْنَى بها على المهاجرين والأنصار قوله: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: الآية ١٠٠] وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>