للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قراءة ابن كثير: {جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} (١) والمصحف الذي أرسله عثمان إلى مكة فيه: {من تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} بذكر لفظة (من) وقراءة الجمهور والمصاحف التي أرسلت إلى الشام وإلى الكوفة والبصرة فيها: {تحتَها الأنهار} بغير لفظة (من). فقوله: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} -لم يشترط فيهم شيئاً، بل قال:- {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة: الآية ١٠٠]-وهذه أعظم تزكية، والذين اتبعوهم- اشترط فيهم شرطاً وهو الإحسان؛ لأن قوله: {بِإِحْسَانٍ} اشترطه في خصوص الذين اتبعوهم، ومن هذه الآيات قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: الآية ١٠] ثم قال: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} كلاًّ من جميع الصحابة ممن أنفق وقاتل قبل الفتح وبعده وعد الله الحسنى.

ومن هذه الآية الكريمة قال ابن حزم: يجب على كل مسلم أن يعتقد أن الصحابة كلهم في الجنة؛ لأن الله صرح بذلك ولا يخلف الله الميعاد حيث قال: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا} -ثم صرح في الجميع بوعده الصادق الذي لا يخلفه قال:- {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٢). وقال (جل وعلا): {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)} [الحشر: الآية ٨] فزكَّاهم بقوله: {أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ثم ذكر الأنصار قال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن


(١) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢٢٨.
(٢) الإحكام ص٦٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>