للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)} [الأنفال: الآية ٧٥].

للعلماء أقوال في المراد بالظرف في قوله: {مِن بَعْدُ} فقوله: {مِن بَعْدُ} ظرف منقطع من الإضافة مبني على الضم، وتقدير مضافه هذا -المحذوف- فيه للعلماء أقوال متقاربة (١):

قال بعض المحققين: أظهر الأقوال فيه أن المراد به: من بعد صلح الحديبية. وهذا القول له اتجاه لمن عرف تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتاريخ الهجرة وأهميتها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده التشديد العظيم في الهجرة، فلا بد لمن آمن أن يهاجر وإلا لم تكن له ولاية عند المسلمين كما قدمناه في قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ} [الأنفال: الآية ٧٢] لأن البلاد كلها كانت بلاد حرب، والإيمان في المدينة، والذي أسلم إما أن يبقى في دار حرب وإما أن يروح إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلما كان صلح الحديبية -وقد كان صلح الحديبية وقع في ذي القعدة من عام ست من الهجرة بإجماع المؤرخين- خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمراً، وساق معه بعض البُدن، وذلك في ذي القعدة من عام ست، فلما بلغ الحديبية سمع به المشركون فتعرضوا له، وقالوا: والله لا يقتل أبناءنا ببدر ويدخل علينا بلدنا ويطوف ببيتنا أبدًا!! فوقع ما وقع مما هو مشهور. {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الفتح: الآية ٢٥]


(١) انظر: القرطبي (٨/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>