للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: وصدوا الهدي مَعْكُوفاً أن يَبْلُغَ مَحله، وقد نزلت في قفوله من الحديبية سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً (١)} [الفتح: الآية ١] نزلت في رجوعه من الحديبية كما قاله غير واحد، وقد وقع ما وقع، ولم يزالوا يراسلونه ليردوه عنهم، أرسلوا له عروة بن مسعود سيد ثقيف، ومكرز بن حفص، وسهيل بن عمرو وأضرابهم، حتى انعقد بينه وبينهم الصلح على يد سُهَيْلِ بن عَمْرو على المهادنة عشر سنين، وأغلظوا له في الصلح بأَنَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْ قُرَيْش مسلماً رده إليهم، والذي جاء إلى قريش مرتدّاً عن الإسلام لا يردونه، وهذا معروف.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قَبِلَ لهم هذه الشروط، وكتب وثيقة الصلح بينه وبينهم، وعقدها معه سهيل بن عمرو العامِرِي (رضي الله عنه) -من بني عامر بن فهر من قريش (رضي الله عنهم) - وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) اغْتَاظَ مِنْ تَغْلِيظِ هَذِهِ الشروط، وقال: يا رَسُول الله، ألَسْنَا على الحق؟ ألَسْنَا نحن الذين على الحق؟ كيف نرضى لهم بهذه الدنية؟! وأبو بكر يقول له: استمسك بغرز رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم منك. وكان هذا الصلح أول الفتح العظيم الذي فتح الله به على المسلمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما فيه من المصْلَحة؛ لأنه لما وقعت الهجرة والمهادنة، وأمن الناس بعضهم بعضاً صار الصحابة يرجعون إلى قبائلهم ويبثون فيهم الإسلام، فانتشر في الناس دين الإسلام، حتى إن الكفار مكثوا سنتين لم ينقضوا العهد، وقد نقضوا العهد الذي أبْرَمَهُ النبي صلى الله عليه وسلم معهم في الحديبية؛ لأن بني بكر كانت بينهم وبين خزاعة دماء وحروب، ودخلت خزاعة في حلف النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو بكر في عهد قريش،

<<  <  ج: ص:  >  >>